سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة
 

سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة

والمندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية

آخر تحديث بتاريخ 28/4/2024 --- الساعة 24:36:27 م

بحث عام

menu

 

المفكرة الثقافية لـ - April 2024

المفكرة

<< >>
   1  2  3  4  5  6
 7  8  9  10  11  12  13
 14  15  16  17  18  19  20
 21  22  23  24  25  26  27
 28  29  30    

 

 

ارسل لصديق اطبع هذه الصفحة

شاعر المخا .. يظهر في الحديدة


الخميس 14 ديسمبر-كانون الأول 2006
- عبدالله محمد عقد ..
حينما تتضافر الجهود وتتعاون النفوس والعقول على الخير تجد النتيجة الإيجابية ماثلة أمامك تغنى فرحة وتسجد شاكرة مسبحة.
نعم يثمر التعاون ويؤتى أكله سواء أكان هذا التعاون بين الدول بعضها مع بعض أو كان بين الدولة وشعبها عبر مؤسسات المجتمع المدني بشقيه الخيري الاجتماعي والثقافي والعلمي أو حتى بين مؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية وبين أفراد الوطن من ذوي التخصصات الثقافية والعلمية المتميزة التي تضيف للساحة شيئاً جديداً سواء كان أيضاً مبتكراً أو إحياء واستخراجاً لمدثور ومستور وما أكثره في وطننا العربي.
هذا التعاون وهذا التضافر أثمر حقاً فأصبحت كثير من المؤسسات والوزرات تعرض ثمار هذا التعاون في واقع لايقبل الشك أو التشكيك وإن قل هنا أو هناك بطبيعة الحال وفرض الواقع وحال القائمين وفي المجال الثقافي برزت وزارات رسمية ـ اليوم ومؤسسات أدبية وفنية تنشد ذلك وتشجعه كوزارة الثقافة وعلى رأسها «الرويشان» أو مؤسسة «العفيف» أو مؤسسة «الإبداع» وراعيها الدكتور «عبدالولي الشميري» أو كالهيئة العامة للكتاب..
ورئيسها «الدكتور فارس السقاف» فبرزت من خلالهم مواهب واعدة وأشرقت أنوار المعارف بعد أفول عبر شعراء وأدباء ونقاد ومؤرخين بذلوا الغالي والرخيص في سبيل إثراء المكتبة الوطنية والعربية بالجديد المفيد أو باستخراج الكنوز وتقسيمها بين طالبيها والراغبين لها، تلك الكنوز والنفائيس التي ينقب عنها العلماء والأدباء والنقاد وتخرج في أجمل حلة وأعظم فائدة شعراً كان أو نثراً فلولا البحث والتعاون ماكان ذلك وماتحقق، أقول هذا استهلالاً ونحن أمام كنز نفيس نقب عنه واظهره فضيلة العلامة الشاعر المؤرخ «عبدالرحمن طيب بعكر».
إن هذا الكنز النفيس هو شاعر المخا "حاتم الأهدل" وديوانه «طوالع الجمال ومطالع الجمال" والذي تولت طباعته الهيئة العامة للكتاب بعد أن جمعه وحققه «بعكر» فظهر في طبعته الأولى سنة 2005م في «304» صفحة من الورق المتوسط وبإخراج جميل وغلاف هادئ ومعبر.
ولنعش مع كنز اليمن الذي طمر ردحاً من الزمن مابين البحر والجبل «المخا ـ حضرموت ـ صنعاء» ليستخرجه لليمن أيضاً مؤرخ تهامة وشاعرها الحضرمي عبدالرحمن طيب بعكر.

المخا: الزمان والمكان
في تحقيقه يبدأ المؤلف حديثه عن المخا ـ الواقعة تحت محافظة تعز ـ من حيث النشأة والتسمية والأهمية ويسرد عدداً من المراجع القديمة والحديثة ليأكد حديثه ويذهب أراجيف المرجفين المشككين في تاريخنا وأدبنا مظهراً أهمية السواحل اليمنية على مر العصور، ففي صـ5 وتحت عنوان «المخا سجال البر والبحر» يقول: «حين كان ميناء قنا جوار بير علي من شواطئ شبوة، وكانت عدن من شواطئ لحج مرفئين سبئيين طوال قرون عتيقة قبل الميلاد، ثم جاءت حمير في الدور السبئي الرابع ووضعت تاريخها الخاص بها وهو الذي يبدأ من سنة 115 قبل الميلاد ـ وكان مستقرعاصمتها في ظفار يريم استحدثت موقعاً بحرياً يفي بتطورات علاقتها البحرية مع مصر وتوابعها من بلدان العدوة الغربية للبحر الأحمر وما اتسق بها من وشواطئ الشرقي والجنوبي من افريقيا فوقع الاختيار على المخا، ولأن حمير كانت تحتاط في نطاقها الغربي فقد استوجب استحداث ميناء المخا وجود موقع عسكري يدعمه على اتصال قريب بالعاصمة ظفار، وهكذا كانت ولادة مدينة المخا بن عمر وعلى جبين البحر الأحمر في أقصاه الجنوبي وولادة حيس بن يريم في ثغرة المدخل التهامي إلى الجبال محاطاً بسلسلة من الجبال في جهاته الثلاث منفتحاً على السهل التهامي من جانبه الغربي، ثم نجد أستاذنا «بعكر» يؤكد أهمية المخا من أهمية موقعها ومجاورتها لمواقع ثلاثة «غاية في الأهمية هي ذباب يليها المندب والموقع الثالث وهي جزيرة ميون».

الأدوار الثمانية
لعبت المخا أدواراً تاريخية عكست بحق أهمية موقعها ـ في الواقع اليمني ومدى أهميتها في عيون وسياسة الآخرين ولهذا فإن اسم المخا تردد على ألسن الأوروبيين والأمريكيين والهنود والاستراليين فضلاً عن الجيران كالافارقة وغيرهم ولهذا فإن الكتاب يجمل أدوارها في ثمانية أدوار أخذت مرحلة طويلة امتدت منذ ماقبل الإسلام وحتى عصرنا مبتدئاً بحملة الملكة الفرعونية «حتشبسوت» إلى بلاد «بونت» وإلى المخا منتهياً بالدور الهام الذي حققته في تصدير البن وغيره إلى الدول الأوروبية والغربية ويستعرض في ذلك الأحداث الخاصة بهذه المرحلة تفصيلاً.

الجهد الشعبي والرسمي
"الشعر تنفس الوجدان ووتر العاطفة" وهو أيضاً ديوان العرب فلئن كان عند الشاعر الناقد المؤرخ بعكر كذلك فإنه في وقفته الثانية صـ 18 يؤكد أن "الشعر يمتلك قدرة خاصة في إضاءة الذات الشاعرة والعصر مهما تطاول في القدم نفسياً واخلاقياً وفنياً فله أيضاً قدرته الخارقة على إضاءة واقعه الاجتماعي العام بكل شعبه" ولهذا يعمل الأدباء والكتاب والنقاد وذووا الشأن على جمع التراث وابرازه تارة بجهودهم الفردية وأخرى بالتعاون مع الجهات الرسمية أو المؤسسات المدنية والمهنية لتؤتى ثمارها فيما بعد، ومن هؤلاء «بعكر» الذي جمع وحقق الكثير من الدواوين التراثية التي ظلت حبيسة الأدراج والمكتبات ولندعه يتحدث عن معاناته قائلاً: صـ18: من أجل ذلك عملت على جمع الممكن من دواويننا التراثية المخطوطة واحتملت مشاق البحث عنها ومكابدة الأيام والشهور والأعوام في تجلية معميات خطوطها وطلاسم تعبيراتها وكان الجهد مثمراً والحصيلة العلمية والفنية مغرية بالاستزادة، وهكذا بدأت الشوط مع ديوان «الانموذج» للقاضي عبدالرحمن الآنسي المتوفى سنة 1250هـ، و«ثم اندفعت لتحقيق ديوان أبى بكر الحكاك المتوفى تقريباً سنة 800هـ على مافي صورة المخطوطة من ركاكة وأخطاء إملائية وغير إملائية باعتبار ذلك فرض عين عليّ» أما الجولة الثالثة فقد قال عنها "وجاءت جولتي الثالثة مع ديوان الشاعر الزبيدي الساخر أبى بكر المهير المتوفى سنة 1059هـ حافلة بالكثير والكثير وفي مقدمة مكاسبها العلمية والتاريخية والفنية إضاءتها كبار أعلام حيس في ذلك الوقت الصامت المظلم وبخاصة على ابن الغريب وأحمد وكيز وذريته رضوان الله عليهم أجمعين" أهـ.
ولم يتوقف عند ذلك بل كان في نفسه العالية التواقة لاستخراج كنوز الدواوين ونفائس المخطوطات الكثير ومن ذلك قوله "وبقى في النفس حنين إلى ديوانين تراثيين مخطوطين: أولهما لعبدالله العفيف المزاح الموزعي المتوفى سنة 830هـ وقد عزني الحصول على صورة مخطوطة له بعد البحث والمثابرة في موزع وتعز وصنعاء وثانيهما: هو ديوان الولي المصلح الشريف حاتم بن أحمد الأهدل صاحب المخا في سائر ارجاء اليمن وبالطبع في المقدمة مدينة المخا فاتصلت بقاضيها المعوان عبدالعزيز الصبري، وكانت نتيجة اتصالات أسبوعين أن الموجود من شعر حاتم في المخا هو شطر من ديوانه فاتجهت إلى صنعاء وإلى الكرام في مكتبة الاحقاف بتريم حضرموت وعزز من اتصالاتي بهم الأخ الشهم مدير مؤسسة الإبداع الاستاذ «عبدالسلام عثمان» ونجحت المساعي والحمدلله فأمكن للأستاذ العلامة المسئول بمكتبة تريم جعفر السقاف.. أخذ صورة من ديوان حاتم بعنوان «طوالع الجمال ومطالع الكمال» وبادر بدفع المبلغ المطلوب من أجل ذلك على شحة موارده وضعف صحته، وجاءني من مؤسسة الإبداع أنهم أرسلوا إليه مادفع، وكان للأخ المهندس عبدالرحمن العلفي الموظف بمديرية الغرفة من حضرموت إرسال الصورة إلى مؤسسة الإبداع بصنعاء ومنها جاءتني إلى حيس الجمعة 11 محرم 1424هـ ـ 14مارس 2003م، وكم كانت فرحتي بصورة تلك المخطوطة ثقة بأن انجازي لتحقيقها ثم طبعها بعون المولى سبحانه إن ما أقدم لليمن وللثقافة والعروبة والإسلام أثراً حميداً من آثار القرون..»أ.هـ.
الشعر والشاعرأما الوقفة الثالثة فقد جعلها المحقق لحياة الشاعر في ضوء المراجع الموجودة وقبل أن نعرج إلى موضوع الشعر نتناول شيئاً من سيرته كما جاءت فنسيه: «حاتم بن أحمد بن موسى بن أبى القاسم بن أحمد بن أبى بكر بن محمد بن أحمد ابن عمر بن أحمد بن علي بن عمر الأهدل» ولد سنة 920 «تقريباً وتلقى ما كتبه الله له من المعارف في بلدته ـ المراوعه ـ ثم حيث أقام بتعز سنة 959هـ وهو في التاسعة والثلاثين من عمره وقد صار مشهوراً بالتحقيق الشرعي والصوفي، كما جاء في الكتاب، ويذهب المحقق إلى أن الشاعر ترك البلد وهاجر ثم عاد ليستقر في المخا قال صـ23 «الذي يظهر لي بعد استقصاء ديوان الشيخ وما أورده صاحب النور أن حاتماً غادر اليمن إلى أماكن غير معلومة ومنها بلد الحرمين التي استقر بها حتى عاد إلى اليمن سنة 976هـ وفي سنة 977 هـ استقر بالمخا لاجماع المراجع. ان اقامته بها استغرقت حتى وفاته سبعة وثلاثين عاماً إذ كانت وفاته رحمه الله الأحد محرم سنة 1013هـ والشاعر كان عالماً فقيهاً و«كانت له يد في جميع العلوم لكن غلب عليه علم التصوف» ويذكر المؤلف بأن قبر الشاعر كان في بيته الذي كان يوجد في الجانب الغربي من مدينة المخا، أما ذريته فإنها باقية حتى اليوم تسكن بجهة موزع ويترددون إلى قبر جدهم لقراءة ماتيسر من القرآن ومن أجل قطعة موقوفة لهم بجهة المخا.. ويتحدث الأستاذ عبدالرحمن بعكر عن الشعر والديوان ومواضيعه فيقول "صورة النسخة الأصلية المخطوطة بتريم التي اعتمدتها في هذا التحقيق تتكون من مائتي وسبعين صفحة الصفحة الواحدة تضم صورة صفحتين من النسخة الأصلية المخطوطة مكتوبة بخط هو أقرب إلى الرقعة وببعض هوامش صفحاتها تصحيحات لبعض مفردات المتن فشعره الرقراق المليئ بالإضاءات والأنوار الوجدانية والرحمات الربانية يأسرك أسراً ويهزك هزاً ومن ذلك قوله:
مالقلبي سوى محيّاك قِبله
ياحبيبي بعد التلاقي وقبله
أنت روحي ونور عقلي ومعنى
سر قلبي ومن سواك ففضله
متع العبد باشتماله لطف
يامرادي واجعل له منك وُصله
وانظم الحال منه في سلك من
جُدت له باللقاء وأعلنت وَصله

وقوله أيضاً في القصيدة رقم «7»:
فالوجدُ باقٍ والوصال مماطلى
والحب واقٍ والغرام مصرّف
بلغ التجني في بالغ أمره
والصبرُ فان واللقاء بمسوِّف
لم أخل من حسدٍ عليك فلاتضع
أرقي ببرق خيالك المتخطف
رُفع الكرى بيد السهاد فلم يضع
سري بتشنيع الخيال المرجف
وأسأل نجوم الليل هل زار الكرى
إنسان مقلة طرفى المتعفف

ومن ذلك أيضاً:
سلام يااحبتنا سلامُ
سلام صوبُه ابداً سكوب
فراعوا الله فيّ فإن وصفي
محباً والمحب هو الحبيب

وأيضاً:
تأهب للرحيل إلى النخيل
إلى ظل كما تهوى ظليل
وطنب في ظلال النخل عشرا
ولاتلفت إلى قالٍ وقيل
وقل في ذا وقل في ذاك وصفاً
مديداً بالبسيط وبالطويل
تنزه في نعيم النخل واترك
رعاك الله عن قول الفضول

وقال أيضاً:
بروحي غزالاً يرتعي بين أضلعي
وينفر عني كالغزال دلالا
فياطول شوقي والحبيب بمهجتي
يجول به فكري السليم مجالا

والديوان عظيم عظمة الشاعر رحمة الله عليه... ويبقى لنا رجاء أسطره هنا عبر هذه الصحيفة التي تفتح أبوابها للجميع لذوي الشأن أن يضعوا أيديهم بأيدي العاملين للتراث والأدب والشعر خدمة للأمة وللأجيال وتحية لكل من بذل ويبذل أي جهد في ذلك ومنهم وفيهم «عبدالرحمن طيب بعكر».


المصدر:
الجمهورية نت


 أعلى


 

 

 

سفارة الجمهورية اليمنية بالقاهرة

                            جميع الحقوق محفوظة لموقع سفارة اليمن بالقاهرة والمندوبية الدائمة لدى جامعة الدول العربية 2010